الجمعة، 14 يناير 2011

«ملابس الرخيص».. جيل يرتدي سترة الأمراض


المرض الخبيث خطوة أولى نحو الموت المحقق، ففي كل مرة تصدر الجهات الغذائية والصحية قائمة سرطانية جديدة تتأرجح بين الغذاء والعناية بالصحة العامة حتى وصل الاكتشاف للكساء.
جالت «عكاظ» في أروقة محال بيع الملبوسات الجاهزة المستوردة من الخارج وأخذتها الرحلة نحو مختبرات المواصفات والمقاييس التي أكد العاملون فيها أن السرطان أصبح يحيط بسائر جغرافية الجسد، فملابس «البوليستر» بحسب تلك المختبرات سرطان مقبل ولو بعد حين في ظل عدم تدخل الجهات الرقابية لتمشيط الأسواق وقلة الوعي الذي يوهم المستهلك بجماليات الزهيد من البضائع.
وتعج أرصفة ميناء جدة ببضائع شتى، جلها من ملابس السرطان المغموسة في البوليستر، إذ أثبتت تقارير طبية أن ملبوساتنا منسوجة من مخلفات البلاستيك، الأمر الذي يمكنها من أن تكون شريكا فاعلا يؤدي إلى زيادة إفراز الغدد العرقية، ومن ثم حساسية الجلد وترسبها في الجسد وصولا للسرطان، وتباغت الرجال لتصيبهم بالضعف الجنسي والعقم، وتزيد نسبة هرمون الأستروجين عند النساء، وهو المتهم في تسببه في ارتفاع الإصابة ببعض أنواع الأورام الخبيثة وعلى قمة الهرم سرطان الثدي الذي تفشى بين السعوديات بنسبة 19 في المائة.
ويؤكد مدير مختبرات الشركة السعودية لخدمات الاختبار المهندس أحمد شوق، على ضرورة قراءة البطاقة الشرائية الملحقة بالملبوسات والتي تبين الخامة المستعملة في التصنيع، إذ أن الكثير يغفلون عن قراءتها وتمحص ما يدون فيها.
وأبان المهندس شوق، أنه خلال العامين الماضيين رفضت المختبرات دخول ما نسبته 60 ــ 70 في المائة من النسيج المستورد لعدم مطابقته للمواصفات ولأنه يلحق الضرر بالصحة العامة.
وأشار مدير مختبرات الشركة السعودية لخدمات الاختبار، إلى أن 58 في المائة من الملابس العامة التي أجريت عليها اختبارات معملية أثبتت عدم صلاحيتها للاستعمال الآدمي، وما نسبته 24 في المائة من ملبوسات الأطفال مسببة للحساسية الجلدية، بينما سجلت الأشمغة 10 في المائة لا تصلح للبس.
وأضاف المهندس شوق، أن المختبرات استقبلت 400 عينة ملبوسات أطفال فشل منها 250 عينة، و 900 ملبوسات نسائية ورجالية فشل منها 500 عينة، بينما دخل الاختبار 200 عينة شماغ لم يجتز الاختبار منها سوى 90 عينة، وأضاف أن الملبوسات الداخلية رفض نصفها لعدم اجتيازها الاختبارات المعملية، أما في ما يخص الغتر فقد فشل 18 عينة من بين 20 عينة اختبرتها معامل الشركة.
وذكر مدير مختبرات الشركة السعودية، أن الخطر الحقيقي يهدد حياة الأطفال في ظل الغش الذي تمتهنه بعض الشركات المصدرة، حيث أجريت الاختبارات على ملبوسات أطفال بينت بطاقتها أن ما نسبته 65 في المائة بوليستر و 35 في المائة قطن ليثبت الفحص أنها تحتوي على البوليستر بنسبة 100 في المائة، مضيفا أن زيادة نسبة البوليستر في الملابس الداخلية يمنع التعرق ومن ثم حساسية الجلد.
وأوضح المهندس شوق أن زيادة نسبة مادة «الفورمالدهيد» وهي المادة التي إذا امتصها الجسم وزادت عن الحد تسبب خطر الإصابة بالسرطان، وتستخدمها بعض الشركات في صناعة النسيج، إذ أن النسبة المحددة دوليا لا تتجاوز 75. جزء من المليون لكن غالبية العينات التي فحصتها معامل المختبر أثبتت تواجدها بنسبة 300 ــ 400 جزء من المليون خصوصا في الأشمغة والتي تؤدي بعد عملية الكي إلى التبخر ومن ثم الإصابة بالسرطان.
من جهته، ألمح بائع الملبوسات الجاهزة في سوق الجملة في البلد وسط جدة عبده علي، إلى أن الرخيص هو المطلوب في السوق الشرائية إذ أن المشتري يبحث عن ما قل ثمنه ولا يعطي بالا للجودة، فقلما يحضر زبون يتمعن في البطاقة الشرائية المرفقة بالقطعة.
ويضيف «يتفق الكثير على نظرية أننا نلبس منذ الصغر نفس الملابس دون أن تصيبنا بسرطان أو خلافه وهذا ما يجعل الجميع يبحثون عن الأرخص في ظل الارتفاع المتواتر في كل مقومات الحياة اليومية والمعيشية». مشيرا إلى أن من يتحمل ما قد يضر بصحة الناس هو من سمح لها بالدخول إلى الأسواق.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق